«نيويورك تايمز»: المحكمة العليا تحسم النزاع لصالح ترامب وتمهّد لترحيل الفنزويليين
«نيويورك تايمز»: المحكمة العليا تحسم النزاع لصالح ترامب وتمهّد لترحيل الفنزويليين
أصدرت المحكمة العليا الأمريكية، مساء الاثنين، قراراً يسمح مؤقتاً لإدارة الرئيس دونالد ترامب باستئناف عمليات ترحيل المهاجرين الفنزويليين، مستندة إلى قانون يعود لفترة الحرب، وجاء الحكم لينقض قراراً سابقاً من محكمة أدنى أوقف هذه الترحيلات مؤقتاً.
ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، أقرت أغلبية القضاة أن المهاجرين الفنزويليين قد تقدموا بطعونهم القانونية في محكمة غير مختصة، إلا أنهم أكدوا في الوقت ذاته، حق هؤلاء المهاجرين في الحصول على إشعار مسبق وإتاحة الفرصة لهم للطعن في قرار ترحيلهم.
واعتبرت المحكمة العليا أن المحامين الذين يدافعون عن المهاجرين الفنزويليين تقدموا بدعواهم أمام محكمة في العاصمة واشنطن، بينما كان ينبغي تقديمها في ولاية تكساس، حيث يُحتجز المهاجرون، وأوضح القضاة أن ذلك الإجراء قد أخل بالإجراءات القانونية الواجبة.
وأكد القاضي بريت كافانو، في رأي متوافق، أن جميع القضاة التسعة متفقون على ضرورة إبلاغ المهاجرين مقدماً بنيّة ترحيلهم وفقاً لقانون "الأعداء الأجانب"، ومنحهم فرصة للاعتراض على القرار قبل تنفيذه.
أمر قضائي مختصر
أشار القرار، الذي جاء بصيغة مختصرة وغير موقعة كما هو معتاد في مثل هذه الطلبات الطارئة، إلى أن احتجاز المهاجرين في ولاية تكساس يجعل من غير المناسب رفع الدعوى أمام محكمة دائرة كولومبيا.
وشدد القضاة على وجوب إخطار المهاجرين بقرار الترحيل خلال فترة زمنية معقولة، تتيح لهم تقديم طعون قانونية.
ورحب الرئيس دونالد ترامب بالقرار عبر منصته "تروث سوشال"، واعتبره انتصاراً لسيادة القانون في الولايات المتحدة، مشدداً على أن القرار يمنح رئيس الدولة، أياً كان، صلاحية حماية حدود البلاد وأمن الأسر الأمريكية.
سجال داخل المحكمة
انتقدت القاضية سونيا سوتومايور القرار في رأي مخالف، ووصفت النتيجة القانونية التي توصلت إليها الأغلبية بأنها مشكوك فيها، وأشارت إلى أن المحكمة منحت الإدارة الأمريكية "إغاثة استثنائية" دون أن تأخذ في الاعتبار الأضرار الجسيمة التي قد يتعرض لها المهاجرون في حال ترحيلهم إلى السلفادور دون وجه حق.
وانضمت القاضيتان الليبراليتان إيلينا كاغان وكتانجي براون جاكسون إلى رأي سوتومايور، بينما وافقت القاضية إيمي كوني باريت جزئياً على الرأي المخالف.
وفي رأي مخالف منفصل، وجهت القاضية جاكسون انتقاداً حاداً لاستخدام المحكمة لآلية الطعون الطارئة، والتي عادة ما تُستخدم في القضايا العاجلة دون مرافعات شفوية أو مذكرات قانونية شاملة.
واستشهدت جاكسون بقرار المحكمة السيئ السمعة في قضية كوريماتسو ضد الولايات المتحدة عام 1944، والذي أيد احتجاز الأمريكيين من أصول يابانية خلال الحرب العالمية الثانية، وقالت إن المحكمة في الماضي على الأقل تركت أثراً يُظهر كيفية وقوعها في الخطأ، بينما اليوم، فإن قراراتها تتم في الظل دون شفافية، وأضافت: "لكن لا يُخطئن أحد: نحن نرتكب نفس الخطأ الآن، بنتائج مدمرة مماثلة".
رد فعل منظمات حقوقية
أعرب المحامون المدافعون عن المهاجرين عن خيبة أملهم من اضطرارهم للبدء مجدداً في إجراءات قضائية أمام محكمة أخرى، إلا أنهم اعتبروا أن القرار يتضمن جانباً إيجابياً.
وقال محامي الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، لي غيليرنت، إن المحكمة العليا رفضت موقف الحكومة الذي يقول إنها ليست ملزمة حتى بإخطار الأفراد بنيّة ترحيلهم، واعتبر ذلك نصراً كبيراً.
وتتمحور القضية حول استخدام الإدارة الأمريكية لقانون "الأعداء الأجانب" الصادر عام 1798، لترحيل أكثر من 100 فنزويلي، تتهمهم السلطات بالانتماء إلى عصابة "ترين دي أراغوا"، وهي عصابة عنيفة تنشط في فنزويلا.
ويمنح القانون الرئيس صلاحية احتجاز أو ترحيل مواطني الدول المعادية في حال إعلان الحرب أو وقوع غزو.
وأصدر ترامب في 14 مارس الماضي إعلاناً رئاسياً يصف أفراد العصابة بأنهم يشكلون "غزواً" و"اقتحاماً عدائياً"، ويؤكد أنهم ينفذون أعمالاً عدائية ضد الولايات المتحدة بتوجيه مباشر أو غير مباشر من الحكومة الفنزويلية.
بداية الأزمة القضائية
طعن محامو بعض المستهدفين بالترحيل في الإعلان الرئاسي أمام محكمة فدرالية في واشنطن، وفي اليوم نفسه، تم ترحيل دفعات من الفنزويليين إلى السلفادور، بموجب اتفاق أبرمته حكومة ترامب مع السلطات السلفادورية لاحتجازهم هناك.
وأصدر القاضي الفدرالي جيمس بواسبرغ أمراً بوقف الرحلات، ثم تبعه بقرار مكتوب بتجميد خطة الترحيل مؤقتاً حتى البت في الدعوى.
وعند استئناف الحكومة لهذا القرار، أيدت محكمة الاستئناف الفدرالية في واشنطن قرار القاضي، حيث أشار أحد القضاة إلى أن خطة الترحيل حرمت الفنزويليين من أبسط حقوقهم في الإجراءات القانونية.
طلب عاجل للمحكمة العليا
عند هذه النقطة، لجأت إدارة ترامب إلى المحكمة العليا، مؤكدة أن القضية تتعلق بمسائل جوهرية حول من يملك صلاحية اتخاذ قرارات تتعلق بالأمن القومي، ورد محامو المهاجرين بأن قرار القاضي بواسبرغ كان الحائل الوحيد دون إرسال المهاجرين إلى سجن في السلفادور، حيث قد يختفون إلى الأبد دون أي حماية قانونية.
ةأكدت منظمات مثل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية ومنظمة الديمقراطية إلى الأمام، أن الرئيس ترامب أساء استخدام القانون القديم لتبرير ترحيل جنائيين مشتبه بهم، في مخالفة واضحة للقيود التي وضعها الكونغرس على هذا القانون.
وقال المحامون إن المرحلين المحتجزين في السلفادور يعانون من أوضاع مأساوية داخل أحد أكثر السجون قسوة في العالم، حيث تنتشر التعذيب والانتهاكات.
رد حكومي
ردت الحكومة على هذه الادعاءات في مذكرة قانونية، نافية أن تكون تنكر حق المهاجرين في مراجعة قضائية، لكنها اعتبرت أن الخلاف يدور حول الإجراءات فقط: أين وكيف يجب أن يتقدموا بطعونهم؟ وذكرت المذكرة أن المهاجرين كان ينبغي عليهم التوجه إلى محكمة في تكساس، وليس في واشنطن.
ودعت الحكومة المحكمة العليا إلى رفع قرار التجميد المؤقت، معتبرة أنه يعوق عمل السلطة التنفيذية في ملفات السياسة الخارجية والأمن القومي لفترة غير مقبولة، ووصفت الحكومة الرواية التي قدمها محامو المهاجرين بأنها "مبالغ فيها"، مؤكدة في الوقت ذاته أن موقفها الرسمي هو رفض التعذيب لا تشجيعه.